الحجج القرآنية المسكتة ١

١- إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَۖ خَلَقَهُۥ مِن تُرَابٖ ثُمَّ قَالَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ ٥٩

هذه الآية من أقوى الحجج في إبطال قول النصارى بألوهية عيسى عليه السلام ، وسبب الاية ورد عن مجموعة من الصحابة والتابعين من قصة وفد نجران حيث احتجوا على أن عيسى إله بأنه لم يكن له أب فنزلت هذه الآية واستدلت بالأغرب من ذلك ، وهو أن آدم لم يكن له أب ولا أم! وفي هذا حجة قاطعة تماماً لقولهم ..

يقول القنوجي في تفسيره : ” (كمثل آدم) في الخلق والإنشاء تشبيه عيسى بآدم في كونه مخلوقاً بغير أب كآدم ولا يقدح في التشبيه اشتمال المشبه به على زيادة وهو كونه لا أم له كما أنه لا أب له، فذلك أمر خارج عن الأمر المراد بالتشبيه وإن كان المشبه به أشد غرابة من المشبه وأعظم عجباً وأغرب أسلوباً، وعبارة الكرخي هو تشبيه الغريب بالأغرب ليكون أقطع للخصم وأوقع في النفس، وبه قال السيوطي.

عن ابن عباس أن رهطاً من أهل نجران قدموا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان فيهم السيد والعاقب فقالوا ما شأنك تذكر صاحبنا. قال من هو قالوا عيسى تزعم أنه عبد الله، قالوا فهل رأيت مثل عيسى وأنبئت به، فخرجوا من عنده، فجاء جبريل فقال قل لهم إذا أتوك (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم) الآية(١).
وقد رويت هذه القصة على وجوه عن جماعة من الصحابة والتابعين، وأصلها عند البخاري ومسلم، وحكى أن بعض العلماء أسر في بعض بلاد الروم فقال لهم لم تعبدون عيسى؟ قالوا لأنه لا أب له، قال فآدم أولى لأنه لا أب له ولا أم، قالوا وكان يحيي الموتى فقال حزقيل أولى لأن عيسى أحيا أربعة نفر، وأحيا حزقيل أربعة آلاف، قالوا وكان يبرىء الأكمه والأبرص، قال فجرجيس أولى لأنه طبخ وأحرق ثم قام سليماً.”
إذن وجه القطع في الحجة أن النصارى يحتجون على أن المسيح ابن الله بالحدث الخارق للعادة وكونه ولد بلا أب ، فكان الجواب القرآني القاطع أن مثل آدم أعظم من عيسى ، فإذا كان عيسى ولد بلا أب فإن آدم خلق بلا أب ولا أم، فكان هذا الجواب قاطعاً لا مرد له ولا يمكن نقضه بأي حال من الأحوال ..
 
(فتح البيان للقنوجي — صديق حسن خان (١٣٠٧ هـ))

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*