الرد على عدنان إبراهيم

ملاحظات على عدنان ابراهيم

أرسل لي الصديق العزيز الحكيم طارق بن يمين في الواتساب رابط محاضرة لعدنان إبراهيم طالباً رأيي فيما يقول وهذا الرابط :

فكتبت رداً جاء فيه :

==========

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الكريم طارق بن يمين

قرأت النص المكتوب للمحاضرة ووجدت أنها ينطبق عليها قول القائلة : لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ، علَى رَأْسِ جَبَلٍ، لا سَهْلٍ فيُرْتَقَى، ولَا سَمِينٍ فيُنْتَقَلُ

لكن سأذكر لك بعض الخلاصات :  على شكل نقاط

١- لست من المتابعين لعدنان ابراهيم لكنني تفاجأت من ضعفه في كثير من المسائل ، وقلة تحقيقه ، رغم أنه يكثر جدا من مدح نفسه وتزكيتها بمناسبة أو بغير مناسبة ويتكلم بكثرة عن أنه لا يريد إلا الحق وغيره من الكلام الكثير الذي لا داعي له  . كما أنه يحب الاستعراض والابهار للجمهور ( الذي يبدو لي أنهم من العوام لأنه طريقته في الشرح تدل على أنه يخاطب عواماً لا يفهمون شيئاً ) !

ومن الأمثلة على ذلك زعمه أنه استدل على حجية السنة بطريقة لم يسبق إليها ( رغم أنه وضع احتمال أنه ربما سبق إليها ) لكن أبسط طالب علم يمكنه من مراجعة بعض المظان المعروفة تبين أن ما زعمه غير صحيح ،

هذه عبارته :

*هذا غير صحيح، ولي في هذا طريقة – بفضل الله – في الاستدلال على حُجية السنة لم أُسبق إليها، فهذا الكلام أنا لم أقرأه في كتاب من قبل، قد يكون أحد العلماء أكيد سبقني إليه ففضل الله واسع، ولكن إن لم تجدوه فهذه هى طريقتي أنا – بفضل الله تبارك وتعالى – فإن تكن صواباً فمِن الله وتوفيقه، وإلا من نفسي ومن الشيطان،  وهذه طريقة عجيبة ودقيقة قرآنياً، فالطاعة المُستقِلة هنا حقها أن تفيد شيئاً جديداً لأن لا يُوجَد في القرآن الكريم حشو ومن ثم هناك فرق كبير بين ” وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ۩ ” و “أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ ۩“، علماً بأن الله قال وَأُولِي الْأَمْرِ ۩، أي طاعة تبعية فولي الأمر يُطاع ما أطاع الله والرسول، فلا يُمكِن أن يُطاع على غير هُدى لمُجرَّد أنه ولي أمر بصرف النظر عن ما يقوله، فهذا غير صحيح، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق*

لاحظ كيف يمدح نفسه ، ويقول هذه طريقتي ! والحقيقة أن هذا المعنى أشار إليه علماء كثر قبله ،

  • تكلم الرازي في المسألة  في تفسيره ( مفاتيح الغيب ) وقتلها بحثاً ، وكذلك نقض أصول الشيعة في عصمة الأئمة بنفس الآية
  • قال ابن حجر في فتح الباري : والنكتة في إعادة العامل في الرسول دون أولي الأمر مع أن المطاع في الحقيقة هو الله تعالى كون الذي يعرف به ما يقع به التكليف هما القرآن والسنة، فكأن التقدير أطيعوا الله فيما نص عليكم في القرآن، وأطيعوا الرسول فيما بين لكم من القرآن وما ينصه عليكم من السنة. أو المعنى أطيعوا الله فيما يأمركم به من الوحي المتعبد بتلاوته، وأطيعوا الرسول فيما يأمركم به من الوحي الذي ليس بقرآن. ومن بديع الجواب قول بعض التابعين لبعض الأمراء من بني أمية لما قال له: أليس الله أمركم أن تطيعونا في قوله: {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} فقال له: أليس قد نزعت عنكم – يعني الطاعة – إذا خالفتم الحق بقوله: ” فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ” قال الطيبي: أعاد الفعل في قوله: {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} إشارة إلى استقلال الرسول بالطاعة؛ ولم يعده في أولي الأمر إشارة إلى أنه يوجد فيهم من لا تجب طاعته

لاحظ هنا أن عدنان ابراهيم ذكر القصة نفسها عن أمراء بني أمية ، مما يدلك على اطلاعه على الأقوال ، ولا أدري لماذا نسب هذا الاستدلال لنفسه !! وظنها طريقته رغم أن كثير من العلماء السابقين سبقوه لهذا الاستنباط في سياق شرح المفهوم من الآية !!

==========

٢- أغلب المحاضرة من بدايتها إلي مضي تقريبا ساعة ونصف عبارة عن كلام لا فائدة فيه بالنسبة للشخص المختص في علم الحديث ، أو بعبارة تقريرات عادية مسبوقة ومعلومة لا جديد فيها ، وبالنسبة لغير المختص ربما يكون فيها شيء من الفائدة مع شيء من التشويش ، باقي المحاضرة يبدأ التخبيص !

========

٣- فشخرته في موضوع الحكمة مالها داعي ، لكنه يؤكد حبه للاستعراض المعلوماتي لجمهوره . لأن ما ذكره مسبوق إليه بتفصيل طويل ، ذكره مفسرون كثر في تفسير آيات الحكمة في القرآن ، ونظرة واحدة على التحرير والتنوير لابن عاشور كافية للتدليل على ما ذكرت لك

=======

٤- موضوع ديدات ونقد مقارنة الاديان ضعيف ويدل على عدم اطلاع ولا مواكبه لواقع الجدل مع أهل الكتاب سواء من أيام ديدات أو مع  أقباط مصر  وواضح عدم اطلاعه أو تجاهله للبعد السياسي والدعم الذي يتلقاه الأقباط في مهاجمة النبي صلى الله عليه وسلم  من قبل الكنيسة القبطية عبر أتباعها وهو من باب دفع العدوان وليس الجدال معهم.

وبشكل عام أي باحث مسلم متجرد ، بمجرد اطلاعه على ما يكتب الغرب بكنائسه عن النبي صلى الله عليه وسلم  سيجد أنه لا مناص من الرد عليهم ودفع عدوانهم وأذيتهم للرسول صلى الله عليه وسلم  ، وهذا ما دفع عبدالرحمن بدوي رحمه الله لكتابة رد ودفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم ،  ولكن عدنان إبراهيم فيما يبدو لا يرى ذلك !

والواقع أن النقاط التي يثيرها حول المتدينين وطريقته في التنفير منهم طريقة أكل عليها الدهر وشرب ، وهي خارج السياق تماما في السنوات الأخيرة ، وواضح أنه فيما يبدو منعزل عن المجتمعات العربية ، وما بقي في ذهنه تصورات عن طريقة الصحوة والمتدينين في الثمانينات والتسعينات ، لأنه يتكلم عن أمور غير موجودة اليوم في النقاش الفقهي والاجتماعي .

======

٥- ضحالته السياسية في موضوع الدولة وتعريفها وموضوع احتكار العنف ، يعني مسائل مستهلكة

============

٦- تناقضه عند نقاش موضوع التواتر :

وهذه عبارته

*هو هذا، وهذا هو التحقيق بكلمة واحدة سهلة، لكن الذي ندين الله ونتعبده به  الله – تبارك وتعالى – هو أن قضايا الإيمان والاعتقاد لا يُقبَل فيها إلا المُتواتِر، وهذه القضايا أغلق بابها الكتاب العزيز وانتهى الأمر، ولذلك أنت لو ذهبت الآن في مقام الإثبات لتبحث عملياً عن أمور عقدية ثبتت عن رسول الله بالتواتر لن تجدها – وأنا أقول لك هذا الآن بدون مُجازفَة لأنني أعرف ماذا حتى وإن اتهمتني بأنني أُكذِّب العلماء-، علماً بأنني أثبت هذا لأن وفقاً لتعريف المُتواتِر لن تجدها، مُحال أن تجدها، فليس هناك سُنة قولية تحدَّث فيها النبي عن أشياء ما وتواترت قولياً – مُستحيل – سواء لفظياً أومعنوياً، ومع ذلك قد تتهمني بأن هذا كذب أيضاً لأنه خلاف أقاويل جماهير العلماء أهل السُنة – مثلاً – وغير أهل السُنة، فمثلاً أهل السُنة يقولون عن رؤية الله في الأخرة أنها مُتواتِرة عن رسول الله، ولكن بالله عليكم أيكون هذا فعلاً تواتر بشرط التواتر على الرغم من كل طوائف الأمة تُخالِفه إلا أهل السُنة والجماعة؟! فالشيعة الزيدية يُنكِرون رؤية الله في الآخرة ولا يأخذون بأي حديث من هذه الأحاديث التي أتت عن طريق واحد وعشرين صحابي ويقولون أن هذا كلام فارغ ومن ثم لا نُصدِق بشئ من هذا، والشيعة الإمامية لا يأخذون بهذه الأحاديث بالمرة ويُنكِرونها، المُعتزِلة بكل طوائفها يُنكرِونها، الخوارج بكل فرقهم يُنكِرونها، إخوتنا الإباضية الآن في عمان وفي الجزائر وليبيا وفي غير ذلك يُنكرِونها، فلا يقول برؤية الله في الآخرة إلا أهل السُنة والجماعة، أما كل فرق الأمة فتُنكرِها، فما رأيكم؟!*

بعد اعترافه بورود الرواية عن أكثر من عشرين صحابيا ، يميل لرفض الرواية لأن طوائف مثل الزيدية والاثني عشرية والاباضية رفضت أحاديث الرؤية ووصفها أنها كلام ( فارغ ) ، وهذا الطوائف لا تملك أصلا روايتها ، وهم عالة على أهل السنة في الرواية ( خصوصا الزيدية ) وردهم للرؤية دافعه عقدي بحت وهو مبنى على عقائد الاعتزال برفض الرؤية بدعوى التجسيم والتشبيه .

ورغم أني لا أعرف رأيه في المتواتر ، لكن رفضه للحديث المتواتر لمجرد أن طوائف مبتدعه ترفضه ، منهج أعوج ، لأنك إذا قررت أن الحديث متواتر ، فلا معنى حينئذ لرده لمجرد أن الطوائف الفلانية لم تقبل به . ومعلوم أن عدنان إبراهيم يتبع أقوال المعتزلة في نفي رؤية الله عز وجل ، ولذا تكثر بهم ويحتج بهم لرد الحديث المتواتر.

٧- وبعيدا عن الجدل العقدي في مسألة الرؤية فإنه إن كان مفهوما للمعتزلة والجهمية ومن تبعهم نفي الرؤية بناء على بعض الاحترازات العقلية لهم ( رغم عدم صحتها ) لكن مسألة نفي الرؤية اليوم بعد التطور الكبير في الفيزياء والرياضيات ومكيانيكا الكم ، وعلوم الكونيات ، يعتبر مسألة سخيفة للغاية .

لأن تطور هذه العلوم نقل الإنسان المعاصر إلى تصور أشياء لم تكن ممكنة عقلاً عند المعتزلة وغيرهم من فلاسفة العصور القديمة ، وكثير من أفكار الفلاسفة القدماء انهارت بشكل نهائي  في العصر الحديث بعد ثبوت بطلان كثير من مقولاتهم وافتراضاتهم العقلية .

تثبت الفيزياء اليوم مخلوقات  لا يمكن رؤيتها بالعين بالطريقة المعتادة إلا باستعدادات خاصة أو برصدها بمعدات خاصة  ووفق شروط معينة ، والثقوب السوداء نموذج ، وكذلك الجسيمات الكوانتمية وغيرها مما تعطيك مجالا للنظر من زاوية مختلفة تماما عما كان متوفرا في زمن المعتزلة وقدماء الفلاسفة ..

ومن أوضح الأدلة ( والتي للمفارقة يستدل بها المعتزلة في نفي الرؤية ) طلب موسى من رب العالمين أن يراه ( قال لن تراني -ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني . فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا )

فهذه الآية مفهومة جيدا في عصرنا ، لأنها واضحة في أن الله يمكن رؤيته ولكن وفق شروط واستعدادات خاصة يجعلها في الانسان في الاخرة حيث الأمور مختلفة تماما عن الدنيا ، وتجلي رب العالمين للجبل وانهياره دليل على هذا الإمكان ، ولكن استعدادات المخلوقات في عالم الحياة الدنيا غير ممكن ، والله تجلى للجبل وانهار الجبل ، وموسى لم يتحمل هذا التجلي فخر صعقا.

والقرآن نفسه وضح أن الإنسان عند الموت يدخل في عالم مختلف تماما عن عالم الدنيا حيث يصبح البصر حديدا ( فبصرك اليوم حديد ) وهذا جزء من الاستعدادات الكامنة في الانسان والتي لا تظهر في الدنيا بل في الآخرة ..

وشخصيا يبدو لي أن إنكار الرؤية في عصرنا الحديث أقرب إلى السخف منه إلى العقل ..

===========

٨ – اشتراطه العزيز للرواية قياسا على الشهادة ضعيف ولا معنى له . وعلماء الأصول أشبعوا المسألة بحثاً في التفريق بين الشهادة والرواية ، ويكفي أن يرجع الباحث للقرافي كتابه الفروق لبحث المسألة ليعرف أن قياس الرواية على الشهادة بعيد عند الأصوليين والفقهاء ، والجمهور على رفض هذا القياس  وكونه يصر على أنهما شيء واحد يدل على ضعف بضاعته في الأصول. وهذا الشرط بالمناسبة يتبع فيه المعتزلة لأنهم هم الذين اشترطوا العدد .

٩- بقيت نقطة أخيرة وهي أن عدد من الباحثين وصفوا عدنان إبراهيم بأن أتباعه يكثر فيهم الإلحاد ، ولم أكن أدرك السبب ، حتى قرأت هذه المحاضرة

والذي يبدو  أنه يخاطب عوام وأنصاف مثقفين ويطرح عليهم مقولات اعتزالية أو جمهية قتلها العلماء بحثا وردا ، لكنه يطرحها بطريقة مؤيدة لها والنتيجة أن من يتبعه يصل لمرحلة يفقد ثقته في العلوم الإسلامية الأصيلة ..

وما فعله في هذي المحاضرة هو من هذا الباب ، فجعل شرط الرواية أن يرويها اثنان فصاعدا ينتهي برد معظم السنة ، وفي النهاية يضيع هذا العامي ويرجع إلى رفض كل شيء ..

وهذا ما ذكره الدكتور سامي عامري في فيديو بعنوان : لماذا يلحد أتباع عدنان إبراهيم

https://youtu.be/FAHwS3kUqqo

حيث شرح سبب إلحاد عدد من أتباعه

وكذلك الدكتور إياد قنيبي نشر فيديو بنفس العنوان شرح فيه أن دعم عدنان ابراهيم لنظرية التطور يصل ببعض أتباعه للإلحاد في نهاية المطاف ..

https://www.youtube.com/watch?v=CvQRcslNyjg

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*