“في هذا الكتاب يرد الدكتور سامي عامري على عبدالمجيد الشرفي ويبين أمرين مهمين ، أن بضاعة الرجل في علم الحديث تقترب من الصفر المطلق ! والآخر أن معظم ما يكتبه في هذا الخصوص يسرقه من غيره ، فهو عالة على اللصوص السابقين مثل أبي رية وغيره ، وناقل ببلاهة عن المستشرقين الذين يفترض أن يكون كلامهم اليوم مجرد ثرثرات عجائز متبطلات في مجلس غيبة ونميمة .. بعد مرور فترة طويلة من الزمن على كتاباتهم وتبين أن كثير منها عبارة عن هراء محض ..
كما حصل معي شخصياً عندما قرأت ملخصاً طويلاً لكتاب ثيودور نولدكه عن القرآن ، في موقع لبعض الملاحدة العرب .. ووضعوا عنواناً للبحث : ( أرقى نقد للقرآن ) !
قرأت البحث بصبر رغم طوله … وخرجت بنتيجة أن هذا العلج يتكلم عن بلاغة القرآن ويشكك فيها لمجرد أنه لم يفهم ! ومعظم بحثه عبارة عن خرابيط يفترض بأي قارىء جاد للقرآن يعرف العربية ، يفترض أن يدرك جيداً أن كلام نولدكه هراء محض .
نعود لسامي عامري
البحث جميل كله ، ويدل على تمكن الأستاذ سامي عامري في علم الحديث ، وردوده ممتازة ، رغم أن كتابات هذا النوع من المؤلفين المعاصرين ،أمثال الشرفي وغيره، تافهة وضحلة إلى درجة أنك لست بحاجة إلى أن تكون عالماً حتى تنقضها وتبين تهافتها ، بل يكفي أن تكون ذكياً فقط لتبين تناقضها وسخافتها على الأغلب ..
يجب أن تقرأ الكتاب حتى تكتمل الفائدة ، اسم الكتاب هو :
جهالات وأضاليل نقض افتراءات عبد المجيد الشرفي على السنة
وسأضع هنا بعض العبارات الجميلة أو الفوائد الجديدة بالنسبة لي والتي استفدتها من الكتاب :
١- وصف جميل لعامري للظاهرة التاريخية المذهلة التي رافقت نقل الحديث بين أجيال المسلمين خلال القرون الثلاثة الأولى منذ عصر النبي صلى الله عليه وسلم وحتى ظهور المصنفات الكبرى الجامعة ..
الاقتباس من صفحة : ٢٩
” التخبط المنهجي للشرفي يتجلّى أيضا في الاستلهام الاستسلامي من علم النفس وعلم الاجتماع، أصوَل النظر والتحليل دون استيعاب لقصور هذه المناهج وعدم ملائمة أدواتها ومقولاتها لميدان البحث في الدراسات الإسلاميّة. ويبدو هذا التسطيح الفكري الغر بصورة واضحة مثًلا في حكم الشرفي على السنّة أنها ليست تراثًا نبويًا محفوظًا، وإّنما هي “تمثّل Représentation” معّين للسنّة، وليس السنّة ذاتها”.48 لم يحّدد لنا الشرفي هنا “ماهية” التمثّل، وهل هو (التمثّل) داخل في المفهوم الاجتماعي الدوركهايمي أم هو آلية نظر في علم النفس المعرفي، إّلا أنّه على كل حال يبدو أنّه يشير إلى أّن السّنة إّنما هي صناعة عفوية غير واعية للأجيال المسلمة، وليست نقًلا واعًيا لحقيقة موضوعّية، وهو تفسير غافل عن جوهر الظاهرة التاريخية المتشبعة بالأسماء والتورايخ والأسانيد التي تتحّرك في بؤرة من نور على بساط التاريخ. إنّه حكم مسرف في شططه التبسيطي بإقحامه آليات أجنبية عن علوم السنة، وتفسير حقائق تاريخية صلبة بإجمالات ساذجة.”
٢- في صفحة ٣٦ – يورد معلومة جميلة أن الخط العربي كان معجماً ومنقوطاً وورق البردي كان حاضرا سنة ٢٢ هجرية !!
٣- انحدار مستوى الاستشراق اليوم إلى مستوى سخيف
٤- النقد الحديثي كان متعالياً عن الأغراض المذهيبة ، نظرة ذكية من الدكتور عامري
٥- هنا يتكلم عن خلاصة وصلها موتسكي ( مستشرق ألماني معاصر ) بعد دراسته لمصنف عبدالرزاق باستحالة اختلاق الأحاديث وفق منهج شاخت ثم تعقيب جميل العامري حول منهج المحدثين الفعلي مقارنة بعمل موتسكي ..
وأزيد على كلام الأستاذ عامري ، أن المحدثين كانوا معاصرين لزمن الرواية والأسانيد ونقدهم مبني على حضور ، وليس من خلف الأوراق !
٦- منهجية شاخت
٧- المستشرقون ونظرية المؤامرة
الكتاب ممتع ويستحق القراءة .. والدكتور عامري حفظه الله باحث من العيار الثقيل جداً .. لا تفوت فرصة القراءة له أو متابعة كتبه ، وقد صدر له قبل مدة بسيطة كتاب الوجود التاريخي للأنبياء .. وما زلت أنتظر الحصول على نسخة منه !
في أمان الله