“بسم الله الرحمن الرحيم
لنضع تلخيصاً بسيطاً أولاً :
ابن تيمية له كتاب الرد على المنطقيين ، اسمه : نصيحة أهل الإيمان في الرد على منطق اليونان ، ويسمى اختصاراً بالرد على المنطقيين ، هذا الكتاب طبع في الهند عن نسخة في المكتبة الآصفية بحيدر اباد الدكن في الهند سنة ١٩٤٩ م ، ونشره أيضا الدكتور علي سامي النشار .
هذا الكتاب اختصره السيوطي في كتاب سماه : جهد القريحة في تجريد النصيحة ..
اشتغل وائل حلاق على كتاب جهد القريحة للسيوطي ، وكتب له مقدمة بالإنجليزية وحقق النص وأخرجه بالإنجليزية أيضا ، ثم قام عمرو بسيوني بترجمة مقدمة وائل حلاق ، وأعاد إخراج الكتاب بنصه العربي مع المحافظة على تعليقات حلاق وتحقيقه للنصوص ..ووضع مقدمة في خمسين صفحة تقريباً ختمها بملخص لطيف لمحتوىات الكتاب بشكل عام ..
وائل حلاق سمى كتابه :
Ibn Taymiyya Against the Greek Logicians
ابن تيمية ضد المناطقة اليونان .
هل اتضحت الصورة ؟
مقدمة الدكتور وائل حلاق : نقاط مهمة
- اعتبر أن كتاب ابن تيمية إحدى أكثر الهجمات المدمرة على الأطلاق التي وجهت ضد المنطق اليوناني.
- الدافع الرئيس لابن تيمية للكتابة ضد المنطق ، هو أنه اعتبره العامل الوحيد المؤدي إلى مذاهب الفلاسفة في قدم العالم ، والطبيعة والصفات الإلهية ، والدور التراتبي والتوسطي للعقول ، والنبوة ، وخلق القرآن وغير ذلك ..
- لا يمكن لقارئ أعمال ابن تيمية إلا أن يكون مصدوماً بقدراته الاستثنائية على تحديد وعزل المبادئ الأساسية والحاسمة التي أقيمت عليها أكثر النظم الفكرية تعقيداً.. لم يتشتت بسبب تعدد وتنوع الاستخدامات التي وضعت للمنطق في الخطاب الديني الإسلامي ، كما أنه لم يحاول، كما فعل أكثر النقاد في الآونة الأخيرة ، أن يدحض أو يجادل ضد افتراضات ومسلمات ثانوية ، وفي بعض الأحيان هامشية ، للمذاهب المنطقية ،وبدلاً من ذلك فقد تناول عددا قليلاً من المبادئ المنطقية ، ولكنها الأكثر مركزية وأساسية ، وبتقويضها حاول هدم الصرح برمته ، ومن ثم ما وراءه من ميتافيزيقيات أيضاً. وبصورة أساسية فقد استحوذ اهتمامه على نظريتي : التعريف ( الحد ) ، والقياس الاقتراني ، الذي اتخذ ابن تيمية له الصيغة العربية التي نادراً ما تستعمل : قياس الشمول.
وهكذا يستمر وائل حلاق تقريبا في تلخيص نقض ابن تيمية لمسأل الحد ، وكلامه عن الوجود والماهية في عدة صفحات ، ثم بعد ذلك يلخص نقض ابن تيمية لمسألة القياس الاقتراني ، أو الشمولي بحسب استخدام ابن تيمية .
وتلخيص حلاق بلغة عصرية ، تلخيص جميل ومفسر لبعض المسائل التي ربما تكون منغلقة لمن ليس معتاداً على أسلوب ابن تيمية ، لكن بالنسبة لي ، الأجمل من هذا كله هو السيوطي !
نعم السيوطي كان جميلاً للغاية في هذا الكتاب ، فلأول مرة أقرأ لابن تيمية بدون أن أشعر بالتشتت !
ختم السيوطي كتابه بعبارته : ( ص : ٣٤٦ )
” هذا آخر ما لخصته من كتاب ابن تيمية ، وقد أوردت عبارته بلفظه من غير تصرف في الغالب ، وحذفت من كتابه الكثير فإنه في عشرين كرّاساً ، ولم أحذف من المهم شيئاً، إنما حذفت ما لا تعلق له بالمقصود مما ذكر استطرادا ، أو ردّاً على مسائل من الإلهيات ونحوها ، أو مكرراً ، أو نقضاً لعبارات بعض المناطقة ، وليس راجعاً لقاعدة كليّة في الفن أو نحو ذلك ، وإذا طالع كل أحد كتابي هذا المختصر ، استفاد من المقصود بسهولةٍ أكثر مما يدركه في الأصل ، فإنه وعر صعب المآخذ، ولله الحمد والمنة وصلى الله على محمد خاتم المرسلين وعلى آله وصحبه.”
قلت : ابن تيمية معروف بالاستطراد والتكرار ، وما فعله السيوطي أنه لخص واختصر لك الزبدة من الكتاب بعبارة ابن تيمية في الغالب ، وربما تصرف في النص بعض الأحيان ..
بعد الانتهاء من قراءة الكتاب ، سيكون لديك فكرة جيدة جداً عن طريقة ابن تيمية في نقض المنطق اليوناني ، وماهي المسائل الرئيسية التي حرص ابن تيمية على إبطالها ونقضها ، بحيث بنسفها ينهار المنطق الصوري بشكل كامل ..
المقدمات ممتعة ومفيدة خصوصا مقدمة وائل حلاق ، والأجمل هو تلخيص السيوطي نفسه للكتاب بما يقرب لك عمل ابن تيمية في نقض المنطق اليوناني ..