ولما قضينا من منى كل حاجةٍ *** ومسَّح بالأركان من هو ماسحُ
وشُدَّتْ على حُدْب المهارى رحالنا *** ولم ينظر الغادي الذي هو رائح
أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا *** وسالت بأعناق المطيّ الأباطح
هذه الأبيات سالت في الكلام عليها أحبار كثيرة ، وصفها ابن قتيبة بأنها من الشعر الذي حلا لفظاً وخلا من المعنى ، بينما أعجب بها عبدالقاهر الجرجاني وتكلم عليها بكلام طويل ، خلاصته أنها جميلة لفظاً ومعنى ..
واختلف لمن هذه الأبيات ، فقيل لكثير عزة ، وقيل لابن الطثرية، وقيل لغيرهما .
بالنسبة لي الأبيات ساحرة ، والمشهد الموصوف ، يغني عن كل معنى جليل ، لأنه يصف ما يحدث بعد الخروج وقضاء المناسك ، في أيام الحج ، ولو استحضر ابن قتيبة هذه المعاني واستحضر المشاعر التي تعالج الأنسان وقت انصرافه من المناسك لما قال ما قال في حق هذه الأبيات.
وكلما قرأت الأبيات تذكرت منى وتذكرت طواف وداع الحجيج في مشاهد معاصرة ، لولا تغير آلات السفر لبقيت كما وصفها الشاعر .. سالت بأعناق المطيّ الأباطح ..
فاحفظ هذه الأبيات وإذا كنت في مجلس أدبي فتفلسف على الحاضرين بها وحكاية الخلاف فيها ..